( التقوى و آثارها الحميدة ) بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الأول قبل الإنشاء و الإحياء , و الآخر بعد فناء الأشياء , العليم الذي لا ينسى من ذكره و لا ينقص من شكره و لا يخيب من دعاه و لا يقطع رجاء من رجاه و صلى الله على أعلام التقى و ذوي النهى و أولي الحجى سيدنا محمد و أهل بيته الطيبين الطاهرين أولاً : القرآن الكريم و التقوى بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ( سورة الحجرات الآية 13 ) أخي المؤمن ..... أختي المؤمنة في الآية الشريفة السابقة نستطيع أن نستنبط المعيار الأسمى للتفاضل بين الناس فحين يعتقد البعض أن معيار التفاضل بين الناس هو ما يملكونه من أموال و عقارات و البعض الآخر يعتقد أن معيار التفاضل هو الانتماء العرقي أو القبلي و أيضاً هنالك من يعتقد أن حملة العلوم سواءً كانت دنيوية أو أخروية هم الأكرم عند الله سبحانه و تعالى فجاءت الآية الكريمة لتبين أن التقوى هي أسمى و أرقى معيار للتفاضل بين الناس فالتقوى للطاعات كالماء للأشجار و مثل طبايع الأشجار و الأثمار في لونها و طعمها مثل مقادير الأيمان فمن كان أعلى درجة في الإيمان و أصفى جوهرة بالروح كان أتقى و من كان أتقى كانت عبادته أخلص و أطهر و كان لله أقرب . ثانياً : تعريف التقوى ورد عن سيدنا و مولانا الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في التقوى و الورع أغلق أبواب جوارحك عما يقع ضرره إلى قلبك و يذهب بوجاهتك عند الله تعالى و يعقب الحسرة و الندامة يوم القيامة و الحياء عما إجترحت من السيئات . ( مصباح الشريعة ص 40) ثالثاً : أوجه التقوى الثلاث روي عن سادس أئمة المسلمين الإمام جعفر الصادق عليه السلام : ( مصباح الشريعة ص 38) التقوى على ثلاثة أوجه : أ) تقوى بالله و هو ترك الخلاف فضلاً عن الشبهة و هو تقوى خاص الخاص ب) تقوى من الله و هو ترك الشبهات فضلاً عن الحرام و هو تقوى الخاص ج) تقوى خوف من النار و العقاب و هو ترك الحرام و هو تقوى العام رابعاً : التقوى و آثارها الحميدة مما ورد عن سيدنا و مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في التقوى و الورع : أ) أحسن اللباس الورع , و خير الذخر التقوى . ( عيون الحكم و المواعظ ص115) ب) إن أزين الأخلاق الورع , و العفاف . ( ميزان الحكمة ج1 ص 808 ) ج) شيئان لا يوازنهما عمل : حسن الورع , و الإحسان إلى المؤمنين . ( معجم المحاسن و المساوئ ص 367 ) د) عليك بالورع فإنه عون الدين , و شيمة المخلصين . ( ميزان الحكمة - ج4 - ص 3508 ) هــ) إلجأوا إلى التقوى فإنها جنة منيعة من لجأ إليها حصّنته و من إعتصم بها عصمته . ( ميزان الحكمة - ج4 - ص 3627 ) خامساً : أصول الورع ورد عن سيدنا و مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في أصول الورع : المتورع يحتاج إلى ثلاثة أصول : الصفح عن عثرات الخلق أجمع , و ترك خطيته فيهم , و إستواء المدح و الذم , و أصل الورع دوام محاسبة النفس و صدق المقاولة و صفاء المعاملة , و الخروج من كل شبهة , و رفض كل عيبة و ريبة و مفارقة جميع ما لا يعنيه , و ترك فتح أبواب لا يدري كيف يغلقها , ولا يجالس من يشكل عليه الواضح , و لا يصاحب مستخفاً بالدين , و لا يعارض من العلم ما لا يحتمل قلبه , ولا يتفهمه من قائله و يقطعه عمن يقطعه عن الله عز و جل . ( مصباح الشريعة ص 40 ) سادساً : خير الزاد التقوى ..... موعظة لأمير المؤمنين عليه السلام لما أشرف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على القبور و هو يرجع من صفين قال : يا أهل الديار الموحشة و المحال المقفرة و القبور المظلمة , يا أهل التربة , يا أهل الغربة , يا أهل الوحدة , يا أهل الوحشة , أنتم لنا فرط سابق , و نحن لكم تبع لاحق , أما الدور فقد سكنت , و أما الأزواج فقد نكحت , و أما الأموال فقد قسمت , هذا خبر ما عندنا , فما خبر ما عندكم ؟ ثم إلتفت إلى أصحابه فقال : أما لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم أن خير الزاد التقوى . (نهج البلاغة – الحكمة 130 ) سابعاً : التقوى في الشعر و لست أرى السعادة جمع مالٍ *** و لكن التقي هو السعيدُ و تقوى الله خير الزادِ ذخراً ***و عند الله للأتقى مزيد ثامناً: الدعاء و التقوى ورد في الصحيفة السجادية عن سيدنا و مولانا زين العابدين عليه السلام رابع أئمة المسلمين في دعاء يوم السبت اللهم أنت الواحد بلا شريك و الملك بلا تمليك لا تضاد في حكمك و لا تنازع في ملكك , أسألك أن تصلي على محمد عبدك و رسولك و أن توزعني من شكر نعماك ما تبلغ بي غاية رضاك , و أن تعينني على طاعتك و لزوم عبادتك , و إستحقاق مثوبتك بلطف عنايتك , و ترحمني بصدي عن معاصيك ما أحييتني , و توفقني لما ينفعني ما أبقيتني , و أن تشرح بكتابك صدري و تحط بتلاوته وزري , و تمنحني السلامة في ديني و نفسي , ولا توحش بي أهل أنسي , و تتم إحسانك فيما بقي من عمري كما أحسنت فيما مضى منه , يا أرحم الراحمين . فضيلة الشيخ : علي الجدي حفظه الله تعالى